في العام 1958 ، قام د. مانسون فالينتاين وهو العالم بطبقات الأرض والآثار، بتصوير سلسلة خطوط مؤلفة من جدران ذات أحجار ضخمة، تزن الواحدة منها حوالي 12 طناً، وتتخذ شكل المربع المثالي وأشكال مستطيلة و ذلك تحت مياه شمال جزر بيميناي في بهاماس التي تقع في شمالي غربي المحيط الأطلسي قرب ميامي. أصبحت هذه الخطوط تعرف بممر أو حائط بيميناي "Bemini wall ". بعد دراسة هذه الخطوط وجد فالينتاين أن معظم الأحجار تلتصق ببعضها مكونة خطوطاً مستقيمة و مشكلة زاوية 90 درجة مما يدل على دقة هندسية توصل اليها شعب قديم قد يكون شعب الاطلانتس على حد قوله. و أهم ما في هذه السلسلة من الخطوط الحجرية أنها تمتد على مسافات طويلة لتربط الجزر الموجودة على سطح المحيط الأطلسي بعضها ببعض ولكن في قعر المحيط .
يتبين لنا أن انسان قارة اطلانتس او الاتلانتيد كان متطوراً في شتى الميادين. فهذا الواقع يدعونا للعودة الى السؤال المطروح في المقدمة: ما هو سبب كل هذا التطور المادي ولماذا استطاع شعب الاطلانتس بالتحديد بلوغ ما توصل اليه من رقي وتطور؟ يجيبنا علم الايزوتيريك في مؤلفه الثاني عشر "حوار في الايزوتيريك (مع المعلمين الحكماء) " "انه في عهد الاتلانتيد، اكتمل الجسم العقلي ، فتكاملت القوى العقلية في الانسان… والعقل كما هو معلوم ، مزدوج البنيان (بشري وانساني) يتقصى الوقائع والمعطيات بموضوعية ووضوح. تمعن العقل في المادة، فرَغِبَ في اكتشافها. فكان التطور التكنولوجي المعروف وتحقق ذلك كله دونما حِياد او شرود عن درب الحق في بادىء الامر، لان انسان الاتلانتيد استطاع آنذاك ان يوحد الازدواجية التي سادت حياتَهٌ. فهو تمكن من التعمق في كنه المادة وتطويرها… وفي الوقت نفسه نجح في البقاء على اتصال بالعوالم الباطنية والمتابعة في الارتقاء الروحي."
من هذا المنطلق، ليس من المستغرب ابداً العثور على ممرات وبنيان تتميز بدقة هندسية متناهية لأن كل شعب يتطور باطنياً، سيتطور مادياً وسينعكس تطوره هذا في حياته اليومية عبر تطبيق عملي متكامل. اضافة الى ما تقدم، ان اختيار شعب الاتلانتيد لاشكال هندسية معينة ليس بالامر الاعتباطي لانه أدرك الرموز الباطنية للأشكال الهندسية و للأرقام حيث تكشف علوم الايزوتيريك في كتابها السادس "علم الأرقام و سر الصفر" أن "علم الأرقام نشأ أول ما نشأ، في تلك المنطقة التي كانت تشغلها القارة المفقودة أطلنتس، حيث شهدت تلك القارة اول حضارة علمية استحقت ان يطلق عليها اسم حضارة على وجه الارض! ومن بين العلوم التي حوتها تلك الحضارة، وأولتها اهتماما" كبيرا"، كان علم الارقام، الذي نشأ عليه فن العمارة، ومن ثَمَ التكنولوجيا المتطورة التي شهدتها قارة اطلانتس آنذاك." كما ان معاني هذه الاشكال والارقام مشروحة باسهاب في الكتاب عينه، كذلك في"كتاب الانسان"، الإصدار الأول من سلسلة علوم الايزوتيريك.
تعقيباً لما ذكرناه عن هندسة شعب اطلانتس، تم في العام 1977 التقاط بعض الصور بواسطة رادار تابع للادارة الوطنية للأبحاث الجوية و الفضائية (NASA) تظهر سلسلة قنوات ري متطورة جداً في البيرو والمكسيك موجودة في قعر البحر. وقد علق الباحثون على تلك الصور انها متطابقة لوصف أفلاطون في كتابه"Timeus" الذي يشدد فيه على وجود شبكة قنوات ري متطورة ومجاري تربط السهول بالجبال و البحر في قارة اطلانتس.
وبالعودة الى كتابات آفلاطون، نرى فيها وصفاً للتحول الذي حصل لقسم كبيرة من شعب قارة اطلانتس إثر انغماسه الشديد في المادة الى حد التورط فيها… فطغت المصالح الفردية على حياتهم وتفشى الفساد فيها. كما اصبحوا يحكمون بعنف ويمارسون العبودية ويتصرفون بشكل لا انساني مما دعا اله الآلهة زيوس الى جمع الآلهة لمعاقبة البشر الذين أخطأوا...
وهنا نعود مجدداً الى السؤال المطروح في المقدمة: لماذا حضارة انسانية عظيمة كالاتلانتيد تذوي وتتلاشى بعد بلوغها ذروة التطور الباطني والمادي؟
تجيب علوم باطن الانسان- الايزوتيريك عن السؤال في كتابها "الايزوتيريك علم المعرفة ومعرفة العلم"مفسرةً "أن كل شيء وجد من أجل الانسان، من أجل تطور وعي الانسان، فالانسان وجد اصلاً من اجل تفتحه على باطن وعيه، ليعرف محتويات ذاته، ويتطور بوعيها، ويعمل في ضوء وعيها على تطوير حياته وحضارته، ليتفتح على انسانيته ويعود بها زهرة ندية نضرة الى موجد تلك الزهرة… فلو ان بشرية تلك القارة، أي كل سكان الاتلانتيد اكملوا تطورهم السليم كما بدأوه، لكان السواد الاعظم من بشرية اليوم بلغوا مرتبة الاكتمال الانساني! غير ان العقلَ نفسَهُ الذي أدى الى تطور العديد منهم مادياً وباطنياً، أدى بالبعض الآخر الى الدَرَكْ الاسفل.اذ ان العقل هو الذي سوّل لهذا البعض الآخر بالتغاضي عن الناحية الروحية في كيانه، او اهمال مكنونات باطنه ، او الكُفْرُ بخالقه… او تحدي عملية الخلق الالهي ليوجد خلقاً ممسوخاً هو مزيج من تزاوج الانسان بالحيوان. فكبرياء أولئك البشر جعلتهم يعتقدون عند بلوغهم قمة التطور المادي انهم، باكتشافهم اسرار المادة، سيقتحمون عالم الروح بواسطة خلق جديد. فكانت الخطيئة الاكبر، وحدث الطوفان الاعظم الذي ازال قارة الاطلانتس وبشريتها من الوجود… وأُعيدت الخليقة الى مرحلة الصفر. وما قصة الطوفان الكبير في المخطوطات المقدسة وفي اقاصيص الشعوب القديمة سوى قصة غرق الاطلانتس. اما سفينة نوح، وفي الحقيقة سفن نوح ، فهي ترمز الى البشر الصالحين الناجين من الغرق في تلك الازمان." هذا ما يوضحه الايزوتيريك في كتابه "حوار في الايزوتيريك (مع المعلمين الحكماء) " ان اعداداً كبيرة من شعب الاطلانتس لم تتخلّ عن تطوير كيانها الباطني في عالم المادة، بل واظبت على مسيرة الوعي الاشمل على المسار السليم المستقيم _ مسار القدر الانساني. فوصلوا الى الاكتمال بانسانيتهم وانهوا وجودهم الارضي، في حين ان اعداداً كثيرة غَرِقَت وهم الخاطئون الذين شردوا عن الدرب القويم.
رغم اندثار قارة الأطلانتس، الا ان معالم مادية عديدة بدأت تنكشف وتظهر تباعاً الى العلن مشكلةً دلائل علمية يقوم الباحثون بدراستها.
ولكثرة هذه الدلائل، سنورد أبرزها هنا وفقاً لأهميتها ولإشارتها الى تطور شعبها:
خارطة محفوظة في مكتبة مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة (Library of Congress) تُعرف بخارطة Piri Reis التي تم العثور عليها عام 1929 في قصر السلطان التركي المعروف الآن بTopkapi، حيث يَظهر اسم وموقع قارة اطلانتس على الخارطة. وهنالك مخطوطة مصرية مكتوبة على ورق البردى تُدعى مخطوطة Harris طولها 45 متراً ُتشير الى المصير الذي لاقته قارة اطلانتس وهي محفوظة في المتحف البريطاني، كذلك مخطوطة مصرية أخرى محفوظة في متحف Hermitage في مدينة بيترسبيرغ في روسيا تشير الى ارسال الفرعون بعثة الى الغرب بحثاً عن اطلانتس .
خريطة Piri Reis
سلسلة جبال في قعر المحيط الأطلسي غرب مضيق جبل طارق صورتها بعثة روسية بواسطة غواصة تدعى Academian Petrovsky عام 1974 . فبعد دراسة نوعية سلسلة الجبال هذه، تبين أنها كانت في القديم على سطح المحيط... ويقول الباحثون انها كانت جزءاً من القارة المفقودة، اطلانتس.
سلسلة جبال في قعر المحيط الأطلسي غرب مضيق جبل طارق صورتها بعثة روسية بواسطة غواصة تدعى Academian Petrovsky عام 1974 . فبعد دراسة نوعية سلسلة الجبال هذه، تبين أنها كانت في القديم على سطح المحيط... ويقول الباحثون انها كانت جزءاً من القارة المفقودة، اطلانتس.
جمجمة الكريستال
مهما تعددت الآراء حول وجود قارة اطلانتس، فذلك لن يغير من الحقيقة القابعة تحت المياه وفي الجزر… لا شك ان مثل تلك الآثار المادية تشكل دليلاً قاطعاً على تطور حضاري - تكنولوجي الذي ليس الا انعكاساً لتطور باطني- روحي في حياة الانسان ... والاهمية تكمن دائماً في تعلُّم العِبَر من التاريخ وتجارب الشعوب لتفادي زلات القدم...
وفي الختام، من المهم ان نواجه الواقع الراهن ونقول ان الانسانَ نفسَه هو المسؤول عن المصير الذي يلاقيه وفقاً للاعمال والتصرفات التي يقوم بها. إذ ان حرية الانسان مقدسة، يختار مسار حياته ويرسم المصير بنفسه. ولا بد من التذكير هنا بما يقوله الايزوتيريك دوماً "ان الحضارة المادية مهما تألقت انجازاً وارتقت تطوراً… فانها لن تبلغ الكمال المنشود ما دام انسانها لم يتطور في معرفة باطن نفسه، ولم يكتشف مكنونات لاوعيه." ولهذا السبب فان كل حضارة تتجه نحو المادة فقط، فانها ستقهقر مع الزمن كما حصل لقارة اطلانتس بعدما تورط انسانها في المادة لا غير!
مع تحيا طــــوطــــو